الآخر:سامي الذيب
أفضل تلخيص لموقف القرآن من الحجاب ما قاله القرضاوي: "سيظل الاختلاف قائمًا ما دامت النصوص نفسها التي تستنبط منها الأحكام قابلة للاختلاف في ثبوتها ودلالتها". فلا يمكن للمسلم معرفة حكم القرآن في الحجاب بصورة قطعية. وأقصى ما يمكن قوله أن القرآن يطالب المرأة بغض النظر وتغطية الثديين وحفظ فرجها. فلا يفرض القرآن تغطية الرأس أو الشعر أو الوجه أو الكفين.
وإذا رجعنا لكتب المفسرين الذين استشهدوا بالأحاديث النبوية، نرى أن موقفهم مضطرب جدًا: فمنهم من يسمح للمرأة إظهار وجهها وكفيها. ولكن أكثرهم يفرضون عليها تغطية كل جسمها من رأسها إلى أخمص قدميها وعدم إظهار إلا عين واحدة للاستدلال على الطريق. لا بل هناك من يرى أن "اليوم بوجود الأقمشة الرقيقة لا حاجة لها إلى إبداء العين إذ تسبل قماشا على وجهها فيستر وجهها وترى معه الطريق واضحاً". ومهما يكن شكل الزي الذي يقترحه الفقهاء، فإنهم يرون أن انكار فرضية الحجاب يخرج المرأة من الإسلام، فتعتبر مرتدة يحق قتلها.
وفيما يخص الليبراليين، فمنهم من ينكر فرضية النقاب ويبقى متمسكًا بالحجاب الذي لا يُظهر إلا الوجه والكفين، ومنهم من يرفض كل من النقاب والحجاب معتبرًا أنه عادة وليس فريضة دينية، لا بل هناك من يرى فيه شعارًا سياسيًا ونظامًا عبوديًا وطبقيًا بهدف اضطهاد المرأة (وفقًا لرأي نوال السعداوي). ويرى محمود محمد طه أن "الأصل في الإسلام السفور. لأن مراد الإسلام العفة. وهو يريدها عفة تقوم في صدور النساء والرجال، لا عفة مضروبة بالباب المقفول، والثوب المسدول. ولكن ليس الى هذه العفة الغالية من سبيل إلا عن طريق التربية والتقويم. وهـذه تحتاج إلى فترة انتقال لا تتحقق أثناءها العفة إلا عن طريق الحجاب، وكذلك شرع الحجاب. فكأن الأصل ما كان عليه آدم وحواء قبل أن يزلا"، مستشهدًا بالآيات المكية، وخاصة الآية 39-7: 26 "يا بني ادم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سواتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من ايات الله لعلهم يذكرون".
أما الواقع المعاش فإنه يبين تغلغل التيار المتزمت في المجتمع العربي والإسلامي وبين المسلمين في الغرب مما يهدد التعايش بين المسلمين وغير المسلمين. وعلى الدول الغربية اتخاذ إجراءات صارمة ضد هذا التيار إذا لا تريد أن تعرض أمن بلادها للخطر كما هو الأمر في الدول الإسلامية.
نشرت صحيفة الصوت الآخر الجزائرية في 5 سبتمبر 2016 مقالًا يقول:
ثانوية 1600 مسكن بالسبالة تمنع التلميذات غير المحجبات من الدراسة!
تفاجأت التلميذات المزاولات لدراستهن بثانوية 1600 مسكن بالسبالة الكائن مقرها على مستوى بلدية درارية، من منع حارس الثانوية للفتيات غير المحجبات من دخول المؤسسة وذلك عشية الدخول المدرسي الجديد.
وطالب الحارس الفتيات بضرورة وضع الوشاح على رؤوسهن حتى يتمكن من الدخول للثانوية، حيث كانت الفتيات بصدد الدخول لأجل إجراء عملية التسجيلات المدرسية مثلما جرت به العادة كل سنة.
وقد خلفت الحادثة ضجة وغضبا واسعا من طرف أولياء الأمور الذين نددوا بالتعليمة والخرجة الأخيرة التي خرجت بها إدارة المؤسسة مطالبين مصالح وزارة التربية بضرورة التدخل لفتح تحقيق في القضية.
عاش تلاميذ ثانوية 1600 مسكن بالسبالة يوما غير عادي عشية الدخول المدرسي الجديد بسبب التعليمات الأخيرة التي خرجت بها الإدارة، إذ تم منع الفتيات غير المحجبات من دخول الثانوية أو حتى التسجيل للسنة الدراسية الجديدة، حيث كانت التلميذات المتوجهات لأجل إجراء عملية التسجيل في طريقهن إلى الثانوية وأثناء شروعهن في الدخول من الباب تفاجأن بالحارس الذي منعهن من الدخول مطالبا إياهن بضرورة وضع الوشاح أو ارتداء الحجاب لأجل الدخول وإلا فلن يتمكن من دخول المؤسسة.
وقد انفجرت التلميذات غير المحجبات غضبا من هذه الخرجة الأخيرة التي تزامنت والدخول المدرسي الجديد، في حين اضطرت بعض الفتيات للرجوع إ

لى بيوتهن وانتعال وشاح على رأسهن حتى يتمكن من إجراء عملية التسجيل في حين رفضت أخريات وقاطعت عملية التسجيل، هذه الوضعية أثارت حالة استنكار واسعة وسط أولياء الأمور الذين اصطحبوا بناتهن، حيث تم منعهن من الدخول بحجة عدم ارتداء التلميذات للحجاب.
وصب هؤلاء جام غضبهم على مديرة المدرسة مستنكرين تصرفات الحارس كون هذا الأخير مجرد عبد مأمور من طرف إدارة المدرسة، وطالب أولياء التلاميذ بضرورة لقاء مديرة المدرسة قصد وضع النقاط على الحروف خاصة أن قضية الحجاب تعتبر حرية شخصية ولا يحق لأحد فرضها على الفتيات خاصة في المؤسسات التربوية، داعين كلا من مديرية التربية ووزارة التربية إلى فتح تحقيق في القضية ووضع حد لمثل هذه الممارسات التي وصفوها بالتعسفية.
وقد أرسلت لي مثقفة جزائرية أمازيغية ملحدة تعليقًا على هذا الخبر:
مع الإسلام، علينا أن نتذكر هذه المعادلة: مفاجأة، قبول، تعميم، الزام وموت.
كل ما يجلبونه لك ويفاجئك اليوم، سوف يقتلونك بسببه بعد عشر سنين.
في البداية، يأتونك بشيء صادم أو مفاجئ. ويطلبون منك تقبله باسم مبادئ الحرية التي هي لديك. ثم يقومون بتعميمه. وفي السنوات التالية، فإن هذا الشيء الذي كان يظهر لك شاذًا جدًا يصبح الوضع الطبيعي الجديد. يصبح معيارًا ثم إلزاميًا لآخر جيوب المقاومة. ومن تبقى من المقاومين يتم قتلهم.
وها هي في عام 2016 مدرسة ثانوية عامة جزائرية تمنع دخول الفتيات اللواتي لا يرتدين الحجاب. وعندما يأتي أولياء أمورهن للشكوى، يقوم حراس أغبياء وفاسدون بتلقينهم الأخلاق.
أتذكر المرة الأولى التي رأيت فيها وصول هذا الكيس البشع إلى الجزائر. لقد كان صدمة. واليوم، بعدما تم تعميمه، اصبح إلزاميًا.
لقد ورثنا هذه الثقافة عن الخليفة عمر بن الخطاب الذي كان نصف إله، ونصف نبي، يكره النساء ويقضي حياته في ضربهن في كل مناسبة. نحن نعبده في الجزائر. ونحن نتشبه بأمرائنا.
الأحكام الإسلامية الخاصة بالحجاب تخرق مبدئين:
- مبدأ الحرية الدينية إذ أن النساء مجبرات على الرضوخ لها تحت طائلة الضرب أو القتل كمرتدات إذا لم يقبلن بها.
- ومبدأ المساواة بين الرجل والمرأة بحجة أن النساء تفتن الرجال. ولكن يمكن للرجال أيضا أن يفتنوا النساء. لماذا إذن لا يتم فرض الحجاب عليهم أيضا؟
من جهة أخرى، تحويل المرأة إلى خيمة متنقلة، كما كان يقول الرئيس أنور السادات، مخالف للمنطق السليم والتقدم الاجتماعي. فهو عائق للحصول على العمل والاندماج والمنافسة الاجتماعية. إن الشركات تصرف مبالغ طائلة لتزيين مكاتبها بالورود واللوحات الجميلة. ويمكنكم رؤية هذا الشريط لنساء يتناولن المعكرونة: http://goo.gl/3RtLlx لكي تتصوروا إلى أي مدى وصلت إليه الأمور.
تعليقات: 0
إرسال تعليق