-->

بعد أن كانت عاصمة الفنون.. تطوان ولاية داعشية


إلياس الإسماعلي




ربما نحن على مقربة من إعلان ولاية جديدة لداعش في شمال البلاد، تطوان التي كان يقصدها أغلب الفنانيين المغاربة بل وفنانيين عالميين أصبحت الآن مرطع للإرهابيين.

لو زرت مدينة تطوان في سنوات السبعينات والثمانينات حتما ستجدها بشكل آخر اليوم، عوض الأغاني الإسبانية الكلاسيكية التي كانت تملأ شوارع المدينة ستجد صوتا راعدا يتوعد الناس بأشد العقاب ولحية تخطب في الجموع ومظاهرات ترفع فيها الرايات الداعشية البيضاء الى حين أن تبسط سيطرتها وتصبح سوداء في يوم ما. دور سينما اسبانية قديمة أغلقت والأخرى تنتظر موعد إغلاقها، تلك المكتبات القديمة التي كانت تأثث شوارع المدينة القديمة تصدأت أبوابها بل واحداها أصبح مكانا لرمي الأزبال.

هل هي لعنة أن تصبح مدينة الفنون سوداء شاحبة تتغنى بثقافة الموت والحزن ؟ فعوض أن تخرج أفواجا من الفنانيين أصبحت تفرخ الارهابيين والمتطرفيين والقتلة والسفاحيين، تطوان التي نظمت فيها أول مظاهرة نسائية في العالم العربي والشمال افريقي سنة 1956 الآن أصبح الحجر على نسائها بدعوى الدين والأخلاق أمرا شائعا، نساء يتغطين بالسواد كأنها خيام مهجورة، مهجورة من الحياة ! ماذا حصل لك جميلتي ؟ أي لعنة أصابتك ؟

لا تتعجب ان أصبحت المدينة أكبر مصدر للدواعش على مستوى شمال افريقيا، هذه المدينة التي كانت منارة للفنون لم ترحمها سياسة الدكتاتور، ربما السواد كان نتيجة لكلمة "أوباش" أو بالأحرى هكذا يبدوا. لسنوات ظلت المدينة تعاني في صمت جراء التهميش والإقصاء فقد عانت أشد أنواع المعانات فقط لأن ساكنتها يوما ما نادت "بالخبز". أصبحت المدينة عاصمة لما يسمى بالسلفية الجهادية وتضم أكبر نشاطاتها، من اجتماعات ومظاهرات ولقاءات ضمت أشخاص يعتبرون الآن من أبرز أوجه التنظيم المغاربة في سوريا.

من حين لآخر تقام مظاهرات وسط المدينة السمة الأبرز فيها هي التطرف، لا عجب أن تطوان هي المدينة الوحيدة من بين مدن المغرب التي نظم فيها مظاهرة ضد قرار منع بيع النقاب، رغم ان النقاب لم يعد يتماشى مع الوضع الذي نعيشه اليوم، فمن يمر الى جانب كاميرا مراقبة دون كشف لهويته حتما يشكل تهديدا خطيرا، ومن تريد أن تجتاز امتحان ما لا يمكنها اخفاء وجهها، ومن تود الدخول لوكالة بنكية عليها ازالة قناعها، ببساطة النقاب لم يعد يتماشى مع القرن الواحد والعشرين ومع مستوى النهديدات الأمنية التي تلاحقنا اليوم. يبدوا أن من خرج في مظاهرات الأمس بتطوان لم يعي ذلك، آه آسف ليس لديهم أدمغة ليعوا ذلك !

هؤلاء الذين خرجوا في مظاهرة للمطالبة بالحرية (حرية الحجر على المرأة) هاجموا منذ مدة مظاهرة أقامتها الفعاليات المدنية التي نظمت تضامنا مع فتاتي مع يعرف بقضية "الصاية" كان هجوما بالقذف والسب كاد أن يصل لمرحلة المس بالسلامة الجسدية للمشاركين، نفس الأمر تعرضنا له أثناء الوقفة التضامنية عقب الاحداث الارهابية التي أصابت شارلي إيبدو، فهل نحن على موعد إعلان ولاية داعشية في مدينة تطوان ؟




TANWIR
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع موقع الآخر24 .

جديد قسم : آراء

إرسال تعليق